مذكرات أهداها صاحبها إلى الرئيس جمال عبدالناصر بعد فرحته بالاستقلال من الإنجليز والملكية، مذكرات السجين 516، مذكرات البطل عبدالحميد عمار..
كان عبدالحميد عمار من الذين قاوموا الاحتلال البريطاني لمصر، وفي عام 1919 قُبض عليه مع مجموعة من زملائه الطلاب بمدرسة المساعي المشكورة بشبين الكوم، وسُجِن لمدَّة تقرب من خمس سنوات..
في السجن، بدأ كتابة مذكراته حول السجن، وأهم الأحداث التي عاشها، والأشخاص الذين التقاهم من أبطال مصر الذين دافعوا عنها ذد الاحتلال البريطاني، وقد سجَّل المآسي التي تعرض لها هو وزملاؤه على يد السجانين، وقدم تحليلًا اجتماعيًا ونفسيًا للسجن والمسجونين، كما قدم نقدًا للأوضاع المُزْرية التي كان يعيشها المسجونون في هذا الوقت، ولم يستثنِ عمار نفسَه من النقد الذاتي، بل انتقدَ بعضَ سلوكياتِه وأخلاقه السلبية التي اكتسبها من معاشرة السجانين.
بعد خروجه من السجن تنكرَ له كثيرٌ من الرفاق الذين جنوا ثمار تضحيةِ غيرهم بعدما تبوؤوا مناصب كبيرةً في الدولة، وعاش بقية حياته مهمَّشًا في قريته حتى توفى في 19 ديسمبر 1963م.
اقتباس من مذكرات السجين 516 عبدالحميد عمار:
"شاهدت الجلد مراراً وتألمت منه كثيراً، لم تدمع عيني لمجلود اللهم إلا مرتين: الأولى في سجن دمنهور، وقد جُلد أمامي طالبين، والثانية في أبي زعبل، وقد جُلد أمامي طالب وصديق. رأيت أصدقائي وزملائي من الطلبة الثوريين والسياط تُمزق ظهورهم. كانوا يُعذبون على أيدي إخوانهم المصريين، والباشا الإنجليزي يضحك بعلوّ صوته. وكنت أتساءل: كيف لمصري أن يُعذب أخيه المصري؟! لكن بمرور الوقت أدركت مدى سذاجتي. وكنتُ في أيامي الأولى في السجن أقول للسجان: أنا مسجون سياسي، فيضحك ساخرًا: يعني أنت من حزب يحيا الوطن... ثم ينهال علي بالكرباج"