اقتباسات من داخل الكتاب
"يبدو أننا حين نلامس أرض الحرام نُغيَّب، فجميع ما يشدنا خارجها يأبى الدخول معنا، فنتجرد من العقل والقلب والضمير، وندخل بدونهم أرض الخطيئة، حتى إذا ما انتهينا وخرجنا، تلقفنا القلب بالمواجع، وقذفنا العقل بآلاف الاستفهامات، ورمانا ضميرنا بالسباب حتى تتلطخ وجوهنا المكشوفة بدماء الندم، فنشعر بأن أجزاء منا تنفرنا، وتتبرأ منا، فتصبح دواخلنا ملأى بالصراعات التى لا تنفض ولا تهدأ، وتشتعل النيران المتأججة بالملامة تحرقنا حتى الأطراف، ما يطفئ لهيب جهنم وبئس مصيرنا سوى الدموع التى نذرفها ندماً وحسرة على ما فرطنا فى أنفسنا من كرامة، وما كشفنا من ستر الله الذى أسدله على عوراتنا، فعرَّيناها نحن بأنفسنا"
"الكاذبون في مشاعرهم، قد يملكون طريقا للوصول إلينا، ولكن عند رحيلهم، لا يملكون أبداً رفاهية العودة، فلقد فتحنا لهم الأبواب من فرط سذاجتنا، ولكننا لسنا أغبياء لنترك الأبواب مفتوحة في وجهتهم مرة أخرى، فلقد خلعناها والطريق- بعدما خرجوا- وبنينا أمامهم حائطا صلدا، الخارجون من حياتنا… أبداً لا يعودون"
"- وإلى أن نفترق يا دكتور محمد، سينشطر العالم ُفوق أدراج الدنيا شطرين، قد يعلو فيها الدنيء على الكريم منازلاً، ويفقد حقه وسط لَهَث المصالح، وسُعار الأنانية، وعواء الزور ،سيُدهَس المُهَمَّشون ويُصلبون فوق ضعفهم، وينخرهم المارون بمخالبهم، أما الأرواح فى دار المقام تخلدت فى منازلها الحقيقية المُستحقة، فكُيّلَت القلوبُ بميزان العدل المُطلق، فلا سبيل لجورٍ أو طغيان، لن تخفى الكبائر والذنوب، مسجية كل الأعمال بلا أدنى نكران، جاثية نفوس الجميع راجية الصفح والمغفرة، ليس فى الآخرة طاغيةً يغتصب مالاً ويفر بفعلته، أو ظالماً يستمر جوره وطغيانه دون رادع، ليس فى الآخرة إلا أصوات الحق، ولكن لأنها دنيا، لا تكتمل ملامح الصورة، فيتشعب النقصان فى كل الجوانب، وحتى تحين ساعة الحق، علينا أن نؤمن ونؤمن ونؤمن… وأن نصبر"