"يقترب الليلُ من نهايته، لم يسمعْ صوتَ بلبلةٍ في تلك البقعة الشاردة من المدينة منذ نشأت. الصمتُ يفرض سطوتَه ممتزجًا مع برودةِ الليل لتخترق همهماتُ الرجال القلقة حاجزَ السكون في حذر. يجثو المقدمُ "عمرو" على ركبتيه بالقربِ من الجثة ناظرًا لها في هدوءٍ.. مفكرًا. كانت تلك حادثةَ القتل الأولى التي تشهدُها تلك المدينةُ الهادئة البعيدة عن القاهرة، ولكن لم تكن تلك سمةَ الغرابة الوحيدة في هذه الليلة؛ بل حالة الجثة المُسجاة باردةٌ أمام الرجال فقد كانتْ لرجل ينزف دمًا أزرقَ اللون، ويميل لونُ بشرته للَّون الرمادي بشدة، كما أنَّ بصماتِ أصابعه برزتْ بلون أسود مميَّز لنقوش البصمات. وكان ساعداه موشوميْن بوشوم سوداء لا معنى لها.. وإن بدتْ كنقوش سحرية بنجومِها الخماسية والدوائر ورسم العين الثالثة والأحرف العبْرية".